responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 259
مَنْ كَانَ مَسْرُورًا بِمَقْتَلِ مَالِكٍ ... فَلْيَأْتِ نِسْوَتَنَا بوجه نهار

[سورة آل عمران (3) : الآيات 73 الى 74]
وَلا تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (73) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74)
اتَّفَقَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا بَقِيَّةُ كَلَامِ الْيَهُودِ، وَفِيهِ ووجهان الْأَوَّلُ: الْمَعْنَى: وَلَا تُصَدِّقُوا إِلَّا نَبِيًّا يُقَرِّرُ شَرَائِعَ التَّوْرَاةِ، فَأَمَّا مَنْ جَاءَ بِتَغْيِيرِ شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ التَّوْرَاةِ فَلَا تُصَدِّقُوهُ، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْيَهُودِ إِلَى الْيَوْمِ، وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ تَكُونُ (اللَّامُ) فِي قَوْلِهِ إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ صِلَةً زَائِدَةً فَإِنَّهُ يُقَالُ صَدَّقْتُ فُلَانًا. وَلَا يُقَالُ صَدَّقْتُ لِفُلَانٍ، وَكَوْنُ هَذِهِ اللَّامِ صِلَةً زَائِدَةً جَائِزٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: رَدِفَ لَكُمْ [النَّمْلِ: 72] وَالْمُرَادُ رَدِفَكُمْ وَالثَّانِي: أَنَّهُ ذَكَرَ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلَهُ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ.
ثم قال في هذه الآية: وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ أَيْ لَا تَأْتُوا بِذَلِكَ الْإِيمَانِ إِلَّا لِأَجْلِ مَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ.
كَأَنَّهُمْ قَالُوا: لَيْسَ الْغَرَضُ مِنَ الْإِتْيَانِ بِذَلِكَ التَّلْبِيسِ إِلَّا بَقَاءَ أَتْبَاعِكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَالْمَعْنَى وَلَا تَأْتُوا بِذَلِكَ الْإِيمَانِ إِلَّا لِأَجْلِ مَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ، فَإِنَّ مَقْصُودَ كُلِّ وَاحِدٍ حِفْظُ أَتْبَاعِهِ وَأَشْيَاعِهِ عَلَى مُتَابَعَتِهِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. مَعْنَاهُ: الدِّينُ دِينُ اللَّهِ وَمِثْلُهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى [الْبَقَرَةِ: 120] .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ أَنَّهُ كَيْفَ صَارَ هَذَا الْكَلَامُ جَوَابًا عَمَّا حَكَاهُ عَنْهُمْ؟ فَنَقُولُ: أَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُمْ لَا دِينَ إِلَّا مَا هُمْ عَلَيْهِ، فَهَذَا الْكَلَامُ إِنَّمَا صَلَحَ جَوَابًا عَنْهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ إِنَّمَا ثَبَتَ دِينًا مِنْ جِهَةِ اللَّهِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِهِ وَأَرْشَدَ إِلَيْهِ وَأَوْجَبَ الِانْقِيَادَ لَهُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَمَتَى أَمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِهِ، وَأَرْشَدَ إِلَى غَيْرِهِ، وَأَوْجَبَ الِانْقِيَادَ إِلَى غَيْرِهِ كَانَ نَبِيًّا يَجِبُ أَنْ يُتَّبَعَ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِمَا تَقَدَّمَ، لِأَنَّ الدِّينَ إِنَّمَا صَارَ دِينًا بِحُكْمِهِ وَهِدَايَتِهِ، فَحَيْثُمَا كَانَ حُكْمُهُ وَجَبَتْ مُتَابَعَتُهُ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى جَوَابًا لَهُمْ عَنْ قَوْلِهِمْ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ [الْبَقَرَةِ: 142] يَعْنِي الْجِهَاتُ كُلُّهَا لِلَّهِ، فَلَهُ أَنْ يُحَوِّلَ الْقِبْلَةَ إِلَى أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ، وَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي فَالْمَعْنَى أَنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ، وَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهِ فَلَنْ يَنْفَعَكُمْ فِي دَفْعِهِ هَذَا الْكَيْدُ الضَّعِيفُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مِنَ الْمُشْكِلَاتِ الصَّعْبَةِ، فَنَقُولُ هَذَا إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ يَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ الْيَهُودِ، وَمِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِمْ وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ، وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الِاحْتِمَالَيْنِ قوم من المفسرين.
وأما الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ: فَفِيهِ وُجُوهٌ الْأَوَّلُ: قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ (أَنْ يُؤْتَى) بِمَدِّ الْأَلِفِ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِ الْأَلِفِ مِنْ غَيْرِ مَدٍّ وَلَا اسْتِفْهَامٍ، فَإِنْ أَخَذْنَا بِقِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ، فَالْوَجْهُ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ مَوْضُوعَةٌ لِلتَّوْبِيخِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَنْ كانَ ذَا مالٍ وَبَنِينَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ [الْقَلَمِ: 14، 15] وَالْمَعْنَى أَمِنْ أَجْلِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ شَرَائِعَ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ مِنَ الشَّرَائِعِ يُنْكِرُونَ اتِّبَاعَهُ؟ ثُمَّ حُذِفَ الْجَوَابُ لِلِاخْتِصَارِ، وَهَذَا الْحَذْفُ كثير يقول

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 259
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست